" شبكات التواصل : وجراحات الأوقات"
﴿ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمْ النَّذِيرُ ﴾
وَلَوْ أَنَّ عَيْناً سَاعَدتْ لتَوَكَّفَتْ ... سَحَائِبُهَا بِالدَّمْعِ دِيْماً وَهُطَّلَا
وَلكِنَّها عَنْ قَسْوَةِ الْقَلْبِ قَحْطُهاَ ... فَيَا ضَيْعَةَ الأَعْمَارِ تَمْشِى سَبَهْلَلَا
ذلك تأوه أندلسي قديم أطلقه الإمام الشاطبي القارئ على كل لحظة تضيع في غير محراب الطاعة.
بينما هو في حقول العلم والدعوة يتسامى لمقامات الكبار، إذا بالأقدار تسوقه لمتابعة الأخبار وتفاصيل الأحداث اليومية، يتطور الأمر فتصبح العين ملازمة لهاتفه الذكي عند الاستيقاظ وقبل الصلاة وفي المجالس، متابعة للمشاركات والتعليقات والردود والمقاطع المرسلة، يرتفع منسوب المتابعة فتتحسر المشاريع العلمية والدعوية ويتعرض البناء الأسري والاجتماعي أحيانا لهزات عنيفة يضيق المقام عن التفصيل في أسبابها، ذلك هو جوهر نشاطه اليومي الخطير في الظاهرة، مع مرور الزمن وتصرم الأيام نشوء جيل دعوي فاقد للشهية العلمية والدعوية لا صبر له على مطالعة الكتب الجادة ولا حضور الدروس أو حفظ المتون على سنن الأولين، أو المشاركة بقسط عملي جاد.
ففي ملح العلم ولطائفه ومتابعة الأحداث والمهاترات الفكرية والاحتكاك في القضايا الصغيرة ما تستروح له النفس فرارا من ميادين الجد ، وليت الأمر يقف عند تبديد الزمن فقط، بل هو سلسلة متصلة تورث عددا من الأدواء من أبرزها
ما يسمى بانحلال عقد عزائم الخير شيئا فشيئا، وإلى تلك الآثار التربوية يشير الإمام ابن القيم " فإنه يحط الهمم العالية من أوجها الى الحضيض، وربما يعز عليه أن يحصل همة أخرى يصعد بها الى موضعه الذي كان فيه "
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق